لقد تميزت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم بخصائص ومزايا عظيمة، فهي صفحات تاريخية مشرقة وضاءة، يستضاء بها في الظلم،
ويسترشد بها في الضلال، ويؤتسى بها في العمل بأنواعه، ومن صفحات التاريخ النبوي غزوة أحد، فقد تميزت هذه الغزوة بالدروس
والعبر التي تقوّم اعوجاج المسالك، وتحيي الإيمان في القلوب، وتثبت الأقدام عند النزال في ساحات الوغى، وهذه الغزوة أظهرت
شجاعة الرسول القائد صلى الله عليه وسلم وصحابته، وأظهرت أهل النفاق وكشفت مساوئهم وما تنطوي عليه نفوسهم
مقدمات غزوة أحد وحال المسلمين معها الحمد لله رب الأرباب، ومسبب الأسباب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب، له الحمد سبحانه وتعالى هو الكريم الوهاب،
وهو الغفور التواب، نحمده سبحانه وتعالى حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه، ويوافي فضله وإنعامه، وينيلنا رحمته ورضوانه،
ويقينا سخطه وعذابه، هو أهل الحمد والثناء لا نحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، فله الحمد في الأولى والآخرة،
وله الحمد على كل حال وفي كل آن.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير،
وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا
وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، ختم به الأنبياء والمرسلين، وجعله سيد الأولين والآخرين،
وأرسله إلى الناس أجمعين، وبعثه رحمة للعالمين، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وكشف الله به الغمة،
وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته،
ووفقنا وإياكم لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين،
وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].